خاطرة حول إتقان العمل ...

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) .... رواه مسلم
و هناك حديث أيضاً قرأت عنه أنه ضعيف و هو الأشهر (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه )) و سواء كان الحديث ضعيف أو صحيح فمعناه و هو إتقان العمل يتوافق مع مبادئ الإسلام و مقاصده السامية ....

لماذا الإتقان ؟؟؟؟

نعمل الكثير من الأشياء ... منذ أن يولد الإنسان إلى أن يموت هو في عمل متواصل لا ينتهي ... ما أن يقترب من نهاية إتمامه لإحدى الأعمال حتى يترائى أمامه المزيد و المزيد من الأعمال و الأهداف الجديدة التي يسعى لإتمامها على أحسن وجه .. لكن الوقت لا يكفي و الكسل طبع من طباع النفس البشرية و الإهمال سمة غالبة على أصحاب الهمم الضعيفة و بالتالي يخرج العمل غير متقن ... يقول طالب الثانوي لماذا أجتهد و أتفوق و أتعب نفسي في الدراسة إذا كنت سأدخل جامعة التفوق فيها بالواسطة و العمل بعد التخرج منها في نفس مجال دراستي أشبه بالحلم أو السراب فلم التعب إذن ...؟؟ ... و يقول طالب الجامعة لماذا أجتهد و ماذا سأجني من تفوقي إذا كان مرتبي لن يغطي إحتياجاتي الأساسية ؟؟ .... و يقول الموظف لماذا أتعب و لماذا أبذل جهدي في عمل لا أحصل مقابله على تقدير من المسؤلين و لا من الجمهور و لماذا أكون انا وحدي المتقن لعملي و كل زملاء المهنة يبحثون عن لقمة العيش و يكدحون في أعمالهم الخاصة و يعتبرون الوظيفة الحكومية مجرد ضمان للمعاش بعد التخرج ؟؟؟

حكمة كونفشيوس - أحد حكماء الصين - (( ليس المهم أن تحصل على وظيفة و لكن المهم أن تتقن المجال الذي تريد أن تعمل فيه ))

و يقول الإمام علي - كرم الله وجهة - (( قيمة الإنسان ما يحسن ))

إن مسألة حصولك على وظيفة بعد إنهاء دراستك الجامعية تتناسب تناسباً طردياً مع مقدار إتقانك لما درسته في الجامعة و مواكبتك لأحدث التطورات في المجال الذي تتعلمه و تريد أن تعمل فيه .. فطالب الطب على سبيل المثال إذا أتقن ما يتعلمه في الكلية و سعى بجد و إجتهاد لإكتساب الخبرة العملية التي تجعله أهلاً لكي يعالج المرضى فإنه و بنسبة كبيرة جداً سوف يجد عملاً مناسباً إذا تخرج ... و إذا سلمنا جدلاً أنه لم يجد فإن سعادته في إتقان مهنة كالطب تعني أنه قد نجح في تحقيق مطلب دراسته الأساسي و أن خبراته و معلوماته ستفيد نفسه إذا ما أحتاجها في يوم من الأيام .. أما الطالب المهمل و الذي أظهر حججه أنه لن يجد عمل في المستقبل فهو إن وجد عمل و خالف الواقع ظنونه لن يكون أهلاً لهذا العمل و إن لم يعمل و كان غير متقناً لما تعلمه فإن عدم إتقانه سيظل أبداً دليلاً على فشله في ما تعلمه و على أن عدم حصوله على عمل هو لعدم أستحقاقه إليه ...,, إن قيمتك هي ما تحسن و ليس ما تعمل بدون إتقان .. قيمة الطبيب الحقيقي هو إتقانه لمهنة الطب و ليس عمله فيها أو لا ... و قيمة المهندس و الصيدلي و الأديب و الصحفي هي مقدار إتقانهم لمهنهم و مجال دراستهم سواء وجدوا عمل أم لم يجدوا .. و سواء حقق العمل طموحاتهم أو لم يحقق...

و ليس العمل وحده هو ما نعاني من الإهمال فيه بل كل شيء في الحياة ... إذا كتب أحد مقال في منتدى أو مدونة كتبه و هو مستعجل و ملئه بالمعلومات التافههة و السطحية و أستشهد بالنكت و القصص الشعبية .... و إذا طلب أحد منه مساعدة أو نصيحة قالها له ناقصة أو أفتى و تفلسف بدون أن يتقن ما يقوله فضل و أضل ... كل شيء يسير بغير إتقان و كل عمل يبدو ناقصاً لأن من يعمله مستعجل أو لا يملك الوقت الكافي لإتمامه على أكمل وجه ...

هل يمكنك أن تتخيل معي كيف سيكون واقعنا لو أتقن كل إنسان عمله و أجتهد في إتمامه على أفضل وجه بحب و تفاني .. تخيل الطالب يتقن دراسته و الموظف يعمل بجد و يستقبل العملاء بوجه باسم سعيد بما يفعله و الشرطي يقف في الشمس شاكراً القدر الذي جعله أميناً على أمن و مصلحة ملايين البشر و الاب يشكر الله على نعمة الأولاد و أنه سبب في رزقهم و المواطنين يحمدون الله على أن بلدهم و إن لم تكن المدينة الفاضلة فهي بلد يملئه الأمن و السلام و يحيا الإنسان حر في أحضانه لا يرى محتل يستبيح دمائه أو عرض نساءه ...

يقول الله عز و جل (( لإن شكرتم لأزيدنكم ))

و شكر النعمة كما قال المفسرين يكون بإستخدامها في طاعة الله و بهذا الشكل يزيد الله عز و جل في بركتها ... فشكر العلم يكون بإتقانه و إستخدام ثمراته في تعليم الأخرين .. و شكر نعمة الأمن يكون بالحفاظ عليها و محاربة كل فكرة همجية تسعى لنشر الفوضى و التدمير في البلاد .. و شكر العمل يكون بتأديته بأمانة و العدل بين جميع العمللاء المستفيدين من الخدمة .../

العيب ليس في الزمان القاسي و لا الواقع المعاصر المادي و لا الألة الرأسمالية المفترسة كما يقولون ...

يقول الإمام الشافعي (( نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا .. و نهجو ذا الزمان بغير ذنب و لو نطق الزمان لنا هجانا)) ..

فهيا من اليوم فليحرص كل واحد منا على إتقان عمله و على الإتيان به على أكمل وجه ... إذا كتبنا مقال في المنتدى فلنحرص على أن يكون عميق المحتوى كثير الفوائد غزير بالمعارف و الأستشهادات .. و إذا قدمن نصيحة لأحد فلنحرص على أن نعطيه أقصى ما نعرفه و نخبره بما لا نعرفه و نرشده إلى الطريق الصحيح .. غذا درسنا فالنتفوق و إذا عملنا عمل في وقتنا اليوم فلننتظر كل خير في المستقبل .. يقول الله عز و جل في الحديث القدسي (( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء )) فلا تتوقع إلا كل خير إذا أنت شكرت نعمة الله عليك و أتقنت ما تعمله ...

في إنتظار تعليقالتكم sunny

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عرض اكثر من رائع لموضوع اخطر ما يكون خاصة ف مجتمعاتنا مع ان المفروض ان قيمنا بتحث على العكس

ومحتاجين حقيقى كل حد يبدأ يفكر لو حده لانه هيتحاسب ف النهاية لوحده ويبتدى يبعد شوية عن المنظومة المتراخية اللى هو جزء منها

وياخد قرار حقيقى بالاتقان
طبعا القصور طبيعة بشرية

لكن المفروض ان الانسان يحاول الاتقان ما استطاع وربنا يعينه

مرة تانية موضوع هايل بجد وعرضك ليه عرض مسلسل ومنظم جدا

سعيدة جدا بكونى فزت باول تعليق عن الموضوع ده
واللى بصراحة كنت فاكراه مقال مش خاطرة
اعتقد هو اقرب للمقال شويه

يمكن لان اسلوبه مقالى نوعا

تقبل مرورى وفائق احترامى

سلام عليكم

شكراً ليكي يا استاذة أية ...

أختي على فكرة كان رأيها زيك بأن الموضوع ده ينفع مقال و ليس خاطرة ... لكن اديه طلع و خلاص و أنا بجد مبسوط انه عجبك ... و شكراً إنك أهتميتي بالرد عليه و اسعدتيني جداً باهتمامك بخاطرتي

» سفن قابلة للغرق
» خاطرة في لحظة حزن
» خاطرة قصيرة ... جدا
» كلام خاطرة
» اول مشاركة لية هنا خاطرة من تأليفي