المرمطة.. ضرورة دستورية!!

المرمطة.. ضرورة دستورية!!

*سعيد عبد
الخالق


	سعيد عبد الخالق

فجرت نوايا
الدكتور محمد البرادعي في الترشح للرئاسة، قضية في منتهي الخطورة.. وقد تتطلب إجراء
تعديل دستوري ملحق بالمادة 76 التي تحدد الشروط المطلوب توافرها في المرشح
لانتخابات الرئاسة!!

لقد أصدر
الدكتور البرادعي بيانا لم يختلف في مضمونه عن المطالب التي طرحتها أحزاب المعارضة
قبل أي انتخابات برلمانية أو محلية طوال الثلاثين عاما الماضية!!. ولم يصدر، ولم
يعلن أمورًا جديدة علينا!. ولن يلتفت المشرع الدستوري إلي مطالب المعارضة عندما جرت
تعديلات علي الدستور أعوام 80 و2005 و2008!!.

كما
لن يلتفت المشرع الدستوري أيضا إلي مطالب الدكتور البرادعي التي ينادي بها من أجل
شفافية ومصداقية الانتخابات!. ولكنها نوايا الدكتور البرادعي، وقد يفاجئنا الدكتور
أحمد زويل أيضا بنفس النوايا!. وأصبح الدستور أو المادة 76 في حاجة إلي تعديل فوري
أو اضافة ملحق مكرر لها!.

وليس
المقصود فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة أمام كل المصريين بدون قيود أو عوائق أو
ألغام.. وليس المقصود النص علي وجود قاض مع كل صندوق انتخابي.. وليس المقصود تشكيل
لجنة قومية مستقلة تتولي الإشراف علي العملية الانتخابية ابتداء من تنقية جداول
الناخبين، وحتي إعلان النتائج.. وليس المقصود دعوة مراقبين دوليين للإشراف علي
الانتخابات!.. وليس، وليس، وليس!!.

فقد
أصبحت مثل هذه المطالب موضة قديمة، ومكررة، ومعادة، ولم ولن تلتفت إليها الأجهزة
المسئولة التي اعتادت إجراء تعديلات دستورية علي طريقة المشهد التاريخي في فيلم
الزوجة الثانية عندما صرخ الفنان الراحل حسن البارودي في المأذون المعترض علي عقد
قران باطل.. فقد صرخ فيه قائلا: " بسيطة يا شيخ عطوة.. الدفاتر بتاعتنا، والتواريخ
في أيدينا، ومفيش حد حيحاسبنا.. اعقد يا شيخ عطوة.. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم".

وأشار
شيخ القرية أو الفنان الراحل حسن البارودي إلي العمدة الذي يرغب في عقد القران
الباطل لعدم انتهاء أشهر العدة!!. واضطر المأذون إلي تحرير عقد القران الباطل تحت
تهديد كعوب بنادق الخفراء!!. ومن هذا المنطلق الذي سارت عليه عمليات إعداد الدساتير
أو تعديل موادها منذ 23 " يوليو " 1952!.

أري
ضرورة إجراء تعديل دستوري جديد حتي نقطع الطريق تمامًا علي المرشحين الذين تسول لهم
أنفسهم التفكير في الترشح لانتخابات الرئاسة أو يعربون عن نواياهم أو حتي يعلنوا
خوض انتخابات الرئاسة !. لقد تبين أن شروط المادة 76 لم تتضمن ضرورة توافر الخبرة في المرشح
لانتخابات الرئاسة !.

وأصبح
هذا الشرط مهما جدا حسب تصريحات حكومية صدرت مؤخرا للرد علي نوايا الدكتور
البرادعي، قالت انه لا يمتلك الخبرة الكافية في شئون الحكم، ولم " يتعرض للمرمطة،
ولا عاش مشاكل الناس" ولا يعرف شيئا عن مصر أو المصريين " ولا اتمرمط مرمطة
أهلها..ولا عاش مشاكلهم.. ولا نزل القري والأرياف.. ولا عنده خبرة سياسية.. ولا
علاقات دولية تؤهله لأن يصبح رئيسا
لمصر"!!.

إذن..
أصبحت " المرمطة " مثل التي "اتمرمطها" المصريون في هذه الأزمة أحد شروط الترشح
للرئاسة!. ومن الضروري النص عليها في الدستور حتي نرتاح من الدكتور البرادعي
وأمثاله!!. ولا أعتقد أن هناك رئيسًا في العالم أو حتي في مصر منذ 23 "
يوليو"1952.. " اتمرمط.. مرمطة أهل بلده" !!.

لم
نسمع ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما " اتمرمط " حتي يجلس علي كرسي رئاسة أقوي
دولة في العالم، ولم نقرأ أن الرئيس الفرنسي ساركوزي مسح شوارع باريس، أو نام علي
الأرصفة من أجل الوصول إلي قصر الإليزيه!!. ولم يكشف لنا التاريخ أن الضباط الأحرار
الذين خرجوا ليلة 23 " يوليو"، أصحاب خبرة سياسية محلية ودولية تؤهلهم لقيادة مصر..
ولم يُقل لنا في المدارس والجامعات، ان ضباط يوليو نزلوا القري والنجوع والكهوف
للدعوة إلي حركة يوليو.. بل استقلوا الدبابات، واستولوا علي الحكم، وقادوا البلد
إلي " الخراب " الذي عشناه حتي أواخر وفاة الرئيس الراحل جمال
عبدالناصر!!.

لقد
أصبح شرط " المرمطة " ضرورة دستورية!!.. ولم تعد تكفي شروط وقيود المادة 76 في
الدستور!!. المهم.. " مرمطة المرشح مرمطة المصريين " !!. وطبعا.. هذا الشرط لا
يتوافر في الدكتور البرادعي الذي يعمل في المنظمات الدولية منذ عقود من الزمان،
ويأكل " كراوسو" و"باتيه" و" سيمون فيميه "، ومثل هذه المأكولات وغيرها تتناقض
تماما مع شرط المرمطة!!.

مش
كده، ولا إيه؟!.

*رئيس تحرير جريدة
الوفد

جريدة الوفد

12/12/2009