السيطرة على العالم ...

من الناس من يراودهم أحلام السيطرة على العالم ... و الكثيرين ممن كانت لديه هذه الرغبة بذلوا حياتهم كلها طمعاً في نيل هذا الحلم المستحيل ... و إن كنت لا تصدقني فتعال معاً نسبح في كلمات هذا المقال ..

فلنبدأ بماركس ... كارل ماركس هو فيلسوف مجدد (( كما يقال شيخ مجدد .. و عالم دين مجدد )) فقد جدد المادية المثالية و جعلها تقم على قدميها كما يقول .. و ابتكر فلسفته الماركسية .. و بذلك اصبح ماركس شيخ متصوفة الماديين في القرن المادي هذا الذي نحياه .. و لا تعجب إن علمت أن مذهب ماركس بالنسبة لمذهب الماديين .. شبيه بالصوفية بالنسبة لبقية الفرق الإسلامية ... فقد كان الفقر الذي عاناه ماركس شديد مما جعله يفقد الأمل في تحسن اوضاعه في الهيكلية القائمة .. فاتجه إلى ذاته مطبقاً حكمة سقراط (( اعرف نفسك )) و اخرج لنا السر المستور للباطن في المجتمع .. و كما تعلم فإن لكل شيء ظاهر و باطن و هو مذهب روحاني قديم ... و هكذا اصبح صاحب مقولة الدين افيون الشعوب رجل روحاني بكشفه الباطن الذي يتحكم في تطور التاريخ و و نزع الحجاب عن العلاقات التي تحكم العامل بصاحب العمل .. و الجدير بالذكر أن ماركس لم يشاهد إلا نصف الكوب الفارغ .. فقد رأى مجرد حصول صاحب العمل على مال و هو جالس في راحة و إستجمام بينما العامل يشقى و يحصل على الفتات اضطهاد و نوع من العبودية الجديدة ...و لو نظر للنصف الملآن لرأى العامل في سعادة لوجود عمل شريف يقوم به و لا يعنيه رفاهية صاحب العمل ما دام يدفع له أجره و هذا افضل من السجون التي عذبت الأنظمة الإشتراكية الديكتاتورية فيها العمال فيما بعد للحفاظ على النظام

و نعود للكلام عن حلم السيطرة على العالم .. فقد كان ماركس مثلي و مثلك يحلم بالسيطرة على العالم و لكن حيائه كان يمنعه من قول ذلك .. فأخبر بصراحه و وضوح أن كل الفلسفات و النظريات الإقتصادية سوف تصاب بالعقم و من ثم تضمحل و تنشأ الثورات التي تنتهي في النهاية بتطبيق افكاره و مذهبه ... يا الله ما اشد ثقته بنفسه هذا الرجل .. و لما كان ماركس يدرك بأن هذه اللحظة التاريخية لن تتحق في حياته فقد سارع في تايد كل ثورة تخرج حتى لو في غير وقتها و قام بإسقاط نظرياته على كل الصراعات و لكن كما يقال (( الحلو ما يكملش )) فقد مات الرجل قبل أن يسيطر على العالم ...



نترك الأن ماركس و نذهب إلى رجل أخر ايضاً متوحد يحلم بالسيطرة على العالم ... لاشك أنك عرفت من هو هذا المتوحد الذي اقصده .. إنه نيتشه ...

لقد كان نيتشه مثلنا و مثل خينا أو رفيقنا ماركس يحلم بالحصول على القوة و الإرادة المطلقة .. و لكنه و لأحساسه بالقرف من العامة و الغوغاء فقد كره اسلوب الفلاسفة الذين يحققوا غرضهم بالتقرب من العامة و إقناعهم بالتضحية في سبيل الحقيقه و القيم و هم في الحقيقه يطلبون منهم أن يكونوا مطاياهم التي يسيرون عليها باتجاه السيطرة ... و راى نيتشه كما رأى أمل دنقل في ثصيدة (( كلمات اسبارتكوس الأخيرة )) بأن الودعاء و الطيبون هم الذين يرثون الأرض في النهاية لأنهم لا يشنقون .. و أن خلف كل قيصر قيصر جديد و خلف كل ثائر دمعة سدى .. و بهذا المنطلق فقد ابتكر لنا نيتشه إنسان أعلى يحيا في الجبال و الغابات ... و ينتظر أن تأتي له الطيور بطعامه .. هل رايت كسل أكثر من هذا ؟؟ ... و بهذا الزعم عاش نيتشه ينتظر اليوم الذي يقضي فيه البشر على بعضهم البعض و يبقى مجتمع المتوحدين و نيتشه منهم بالطبع الذي يسيطر على العالم ... أرأيت كيف يحلم الفلاسفة بالسيطرة على العالم ...



لابد انك لم تصدقني حتى الأن . . إذاً تأمل هاذان الفأران اللذان في الصورة العلوية .. هل تعرفهم ...؟؟ .. أو هل قابلتهم ذات ليلة و هم يخططان للسيطرة على العالم ؟؟ ... سيدي الفاضل اعرفك على بينكي و براين .. و براين
عبقري و بينكي هو الغبي كما تقول مقدمة مسلسلهم الكارتوني

عندما كنت في طفولتي كنت اضحك من رغبة هذان المخلوقان القوية في السيطرة على العالم .. و محاولاتهم التي كانت تبوء بالفشل فيعودان يكرران في كل ليلة تصميمهم على السيطرة على العالم ... و في الحقيقة لم تعجبني شخصية براين بل شخصية بينكي المنطلقة و الساذجة و التي تفسد تخطيط بينكي بإرتجاليتها و عدم لماحيتها ... و كان براين يصفعه بعنف أو يهوي بالمطرقه على أم رأسه و بعد أن يهدأ يخبره بأنهما سيعودان للغد لتكرار نفس الشيء ...و قد كان الفئران اكثر ذكائاً من ماركس و نيتشه فقد كان اعتمادهما على نفسيهما في تحقيق الحلم و لم يؤلفوا فلسفة أو كتاب يتحدث عن زوال كل البشر و استفرادهم بحكم العالم أو بقيام ثورة تقودهم للزعامة ... و من هنا أعطيك درسي الأخير إذا اردت أن تنجح و تتفوق و تسيطر على العالم عليك أن تسيطر على نفسك و تبدأ بالفعل و ليس القول .. و تذكر دوماً نصيحة ابو حامد الغزالي في كتاب ايها الولد .. (( علم بدون عمل جنون .. و عمل بدون علم لا يكون )) ... أتمنى لك كل التوفيق و السعادة