حسنا .. لأواجه نفسى بالحقيقة إذن من دون مواربة ولا طمس ..
إنها فى النهاية تبقى الحقيقة مهما حاولت تجاهلها أو تناسيها ..
ثم إنها لا تحمل تلك القتامة التى تجعلنى أهابها أو أخفيها ..
إنها الحقيقة ولا شىء غيرها ..
لم يشغلنى أبدا أن أقبع فى ذلك الجانب المظلم وحيدا أتقافز و أتقافز لأنال و لو جزء من أجزاء من دفة الحديث .. و الإهتمام ..
لم تكن تشغلنى كل تلك المحاولات اليائسة .. البائسة .. لنيل شىء من الأسماع و الأبصار ..
لقد كان يجدر بى أن أتخلى عن ذلك المرح المصطنع .. و تلك الضحكات المزيفة ..
كان يجدر بى أن أوفر كل تلك الدعابات التى هى " ضحك للضحك " ..
لماذا أحرص دوما – و أفشل دوما أيضا – على الظهور فى منتصف الصورة .. و ليس فى جانبها كما قد يفضل الكثيرون .. ؟
لماذا أبذل كل ذلك المجهود للإستحواذ على اهتمام أشخاص ربما لا تقع عينى عليهم مرة أخرى ..؟
و لكن دعونى أنظر للنصف الملآن من الكوب .. دكونى أتقبل الصورة كما هى .. و بقليل من الخيال .. و كثير من النسيان .. يمكنها أن تصبح من أكثر صور عمرى روعة و جمال ..
لقد كان يكفينى ذلك المرح الطبيعى .. الواقعى .. بينى و بين أطفال تعرفت عليهم لأول مرة هناك ..
لعبنا .. و جرينا .. و أكلنا .. و تحادثنا .. و تمازحنا .. وتناقشنا .. ثم تفرقنا ..
كان يكفينى كل ذلك الود الذى تقابلت عليه مع عمرو و محمد الأخوين الفاضلين المهذبين – جدا - .. و كأنها صداقة عمر تلك التى تجمعنا .. و لكنها راحة القلوب للقلوب ..
أتذكر هنا إعجابى بمناديل محمد " مودى " أخو إنجى و نور .. و قيادته المتمرسة لسيارات التصادم ..
أتذكر تهذيب عمرو و محمد – للمرة الثانية – و إنصاتهما الهادىء لكلماتى الضالة .. التى تنشد الحكمة ..
أتذكر تعجبى من قدرتى الخارقة على تذكر أسماء الأطفال .. كل بأسمه .. و كأنى أعرفهم قبل أن يولدوا ..
فهناك حسين .. و أحمد .. و محمد .. و ابراهيم .. ثم أحمد .. و احمد مرة أخرى .. و فرج .. وعادل .. و فتحى – الذى أخذ منى جنيه سلف .. لا اعرف كيف -
.. و انتهاء بهيثم .. يتيم الأب و الأم ..
أتذكر فقرة الساحر المدهشة التى تابعتها لأول مرة فى حياتى بكل شغف الدنيا – فليمتنع الجميع عن الضحك –
تابعتها كما لو كنت طفلا من الأطفال ..
أتذكر فرحتى بتجمع الأطفال من حولى و نداءهم لى ب " أستاذ أحمد " تلك التى لم أسمعها فى حياتى .. توقفوا عن الضحك .. أرجوكم ..
بالتأكيد انا لا يمكننى أن أتذكر كل ما مررت به .. أو مر بى .. ولكنه فى النهاية يوم يحمل علامة " إستثنائى " .. لم تكن تجربتى الأولى فى ذلك المضمار ... و لكنها بالتأكيد الأفضل و الأجمل بين قريناتها ..
فكرت كثيرا فى النهاية أن أحذف تلك السطور فى المقدمة .. فهى تفسد الجو النفسى للمقال ككل ..
و لكنى فضلت إبقاءها .. فهى تحمل الحقيقة .. كل الحقيقة ..
تحمل حقيقة شاب أصابته عقدة التملك و حب الذات بلوثة أفقدته عقله .. و أفسدت عليه لحظات سعادته ..
و ياليته يجد العلاج