تهافت الفلاسفة أمام الإدراك الصوفي للحقيقة ...

السلام عليكم ....

أخوكم هيزنبرغ كبر يا جماعة و عرف شوية حاجات حلوه عن الفلسفة و قرر يشارككم في مناقشتها ... - لو تسمحوا طبعاً - ....

في كتاب للغزالي إسمه ( تهافت الفلاسفة ) - أكيد تعرفوه - و الكتاب اكثر شيء عجبني فيه هوه أسمه . .. طبعاً مش لأني ما قرأتهوش بس لأن كلمة تهافت عبرت بشكل دقيق جداً عن أزمة الفلسفة الحقيقة .. و هي الزعم بأن الحقيقة هي حكر فقط على الفيلسوف و أن ما لا ندركه بعين البصر هو في الحقيقة غير موجود...و إبداع الغزالي في أختيار كلمة ( تهافت ) لأن الفيلسوف يكون مثل الفراشة يضع فكره و يرى الكثير من الظواهر تؤيد الفكره فيتهافت و يبدأ في التعميم .. و عندما يصل بفلسفته إلى حد التناقض و تبدأ التحليلات السابقة تنكشف في زيفها .. تتحول فلسفته إلى نوع من الترف الفكري و من المصطلحات التي يتبادلها أتباعه من المتهافتين ... و هو ما يعني موت الفكرة لإستحالة تطبيقها في الواقع ...

العقل عامل زي الكمبيوتر تقدر تغير التحليل بتاعه للأمور بتغيير القوانين التي يستخدمها في حكمه على الأاشياء ... و ده يعني بصراحه شديدة (( إن كل واحد شايف الحقيقه حسب تفكيره هوه و قوانينه و بالتالي فالحقيقة التي يرونها ليست في صورتها الكاملة .. )) ...

و هنا يطرح السؤال نفسه .. . هل هناك من طريق لمعرفة الحقيقة ؟؟ أو بمعنى أدق هل نحن قادرين على معرفة و لو قانون واحد يجمع لنا كل شيء موجود و غير موجود .. كل ما كان و ما سيكون ؟؟..

أولاً للإجابة عن الاسئلة ديه .. لازم تلبس الحزام و تضع خوذة الأمان .. و تعمل كده فنجان قهوة و تصحصح معايا ...

إحنا متفقين إن الحقيقة واحده لا تتجزأ ... ( 1 )
إحنا متفقين إن لايمكن يكون الكون ده كله و المخلوقات ديه كلها وجدت من العدم بمفردها .. و حتى لو فرضنا إنها وجدت بمفردها فلابد إذا من شيء أو سبب فيزيائي أو كيميائي لوجودها .. هذا السبب بالتأكيد أيضاً لم يوجد بمفرده .. فلابد له من مسبب ... جعل هذا التحول - غير الطبيعي 0 يحدث من العدم للوجود ... (2)

و لو اتفقنا على هذين القانونين يبقى إحنا وصلنا إلى نتيجة هيه (( إن الكون في الأصل كله واحد .. بمعنى أن كل جزء منه هوه في الحقيقة جزء من ما هو أكبر منه و كل الأجزاء الكبار تكون لنا الجزء الأكبر اللي هوه الكون )) ... و عليه فاي تناقض أو تضاد هو في الحقيقة ليس إختلاف .. و لكن تكامل ...

فالمغناطيس مثلاً في قطب شمالي و قطب جنوبي .. و لكن القطبين دول بيحبوا بعض جداً و بينجذبوا إلى بعضهم البعض ...لماذا ؟؟

الكهرباء فيها شحنة سالبة و شحنه موجبة .. و برضه ما بيحبوش حاجة أكثر من بعض و دايماً بينجذبوا إلى بعضهم البعض .. ليه ؟؟

و كل مادة تلاقيها منقسمة و منشطرة إلى جزئين .. و حتى الكائنات الحية تلاقيها برضه ذكر و أنثى .. و تلاقي كل إتحاد بين شطري المادة سواء حية أو غير حية ينتج لنا تكون مادة تنحاز إلى إحدى المادتين .. التي سرعان ما تتحد مع ما يضادها لتكون مادة أخرى الخ ... و هو ما يعني أن هذه المواد تتجه نحو غاية و هدف مجهولين حتى الأن .. هذا الهدف هو الحقيقة التي نسعى إليها .. لماذا بدأ هذا الإتجاه التسلسلي إلى الغاية النهائية ؟؟ .. و ما هي تلك الغاية ؟؟

هذه الغاية يبقى معرفة تفاصيلها حكر فقط على من حرك العالم إليها ( حكر على الله تعالى و ليس أحد سواه ) ... و لكن الوصول إلى رؤية تحرك العالم نحو هذه الغاية .. أو الوصول إلى رؤية توافق كل مكونات العالم في سلسلة واحدة تجمع الكل من جماد و حيوان و نبات و سماء و أرض هو فقط ما يمكن للإنسان الوصول إليه .. و هو بالأحرى الغاية القصوى للأديان السماوية ...

لحظة لحظة يا عمونا .. فين الإدراك الصوفي اللي انت اتكلت عليه في العنوان ؟؟
- أااااااااااه هوه جاي في الطريق إنت بس استنى شوية ..

الإدراك الصوفي أو النزعة الصوفية هي نزعة موجوده في مختلف الأديان السماوية و موجوده حتى في المذاهب المختلفة .. و كذلك هي نزعة إدراكية تميز بها بعض الفلاسفة العظام أمثال نيتشه و هوسرل و الذين رفضوا إستخدام الحس كأداة للإدراك ... و الإدراك الصوفي هو في الأساس خطوة تليها خطوات من التأمل الغير مرتبط برغبات دفينه .. فالشخص الصوفي عندما يتأمل شيء أو يحكم على حادثه .. يبدأ بإخراج نفسه منها تماماً .. و من ثم ينزع من قلبه كل حب أو حقد للشخص أو للشيء الذي يراد تقييمه و ينظر نظرة ظاهراتية ( فينومينولوجية ) للأمر .. و عندها يدرك الحقيقة القصوى .. و هي ليست أن هذا الشخص على صواب و هذا الشخص على خطأ .. لا لا بتاتاً .. بل يدرك أن كلاهما يريدان الشيء نفسه و لكن إدراكهما العاجز عن الوصول للحقيقة يصور لهما أن رغباتهما متناقضة ... و الغاية القصوى التي يصل إليها المتأمل الصوفي هي فقد الإحساس بكل شيء .. فهو يتحول إلى روح ا تريد شيء و لا تحب شيء و لا تبغض شيء .. لا تفرح بشيء و لا تحزن من أجل شيء .. و لكن طبعاً ليس تبلد في الحس .. و لكن قطع اي محاولة لإستدراج العقل العاطفي للتاثير على الإدراك الفينومينولوجي للحقيقة ....

و في النهاية طبعاً اتمنى إني اكون بسطت الفكرة قدر المستطاع و انا مستعد اناقش معاكم كلمة كلمة و سطر سطر من اللي انا كتبته ... بس المهم نتعامل بشكل فينومينولوجي ظاهراتي متصوف afro

تقبلوا تحياتي

» كيف تحافظ على عيونك أمام شاشة الكمبيوتر..؟