علم الكلام و زحمة المتكلمين !!

كان يوم قد أعدده جماعة كبيرة من المتكلمين لكي يناقشوا فيه ما يشغلهم من الذات و جوهر الفرد الأسمى و الهيولي .... بدأت الوفود تتدفق منذ بواكير الصباح .. و كلما دخلت فرقة من المتكلمين نظرت إلى الأخرى بعين الإزدراء و هموا في إطلاق الشرار و التوعد بالإفحام و ضحد منطقهم بالجملة ...

مرت الدقائق كأنها ايام .. و الساعات كأنها شهور .... و أخيراً إكتمل الجمع و جلسوا جميعاً في إنتظار إشارة البدء في المناظرة المرتقبة ... و لم يكن ينقصهم غير إذن مولانا شيخ الجلسة و هو الذي وجه إليهم الدعوات في الأساس لحضور الجلسة ..

سكت مولانا و سكت الحضور و الجميع على أهبة الإستعداد .. الجميع في صمت و ماذا بعد ذلك ؟!! - تسائل أحد المتكلمين - و لكن لم يجبه أحد ...دقائق و سويعات و لا شيء ... و فجأة شعر أحد الحضور بالملل و قال : هلا تفضلت يا مولانا بإفتتاح المناقشة فقد بدأنا في النعاس .. نظر إليه مولانا بإبتسامه و قال لخدمه أحضروا الطعام فقد حان وقت المناقشة ....

و في دقائق معدودة كان الخدم قد ملئ القاعة بمختلف أصناف الطعام ما لذ منها و طاب ... و المتكلمين ينظرون بين مستغرب و مغتاظ و مترقب ... و بعد أن أنتهى الخدم من وضع الطعام تناول مولانا ورك فرخة و نزعه بعنف و أمسكه في يده و قال للمتكلمين : ماذا شاهدتم الأن ؟؟

نفخ أحد المتكلمين و قال : شاهدنا شيخاً ثقيل الظل يريد أن يضيع وقتنا في ملئ بطنه !!... و تداركه متكلم أخر فقال : لقد أخطأ صديقي المتكلم الأول فقيام الشيخ بتضييع الوقت لا يمكن وضعه كمظهر دال على جوهر ثقل الظل حسبما أعتقد ... و سرعان ما قفز متلك ثالث إلى النقاش و قال : و لماذا يضيع وقتنا إنني اعترض عليكما .. إنه جائع و يريد أن يتناول الطعام .. و عندها لم يتمالك بقية المتكلمين نفسهم و أنطلقوا يخوضون في الموقف و كلما قال أحدهم كلمة أبطلها الأخر ... و بعد وقت هدؤا جميعاً و شعروا بالحرج من تصرفهم في حضرة مولانا ...

و بعد هدوئهم إستدار لهم مولانا و قال : كاد علم الكلام أن يفلح لولا زحمة المتكلمين ...!! .. إنتهت

لنقل أنها أعجبتني الفكرة التي أردت ان توصلها يا عمونا
بل في رأيي قد أوصلتها في قالب قد يظنه البعض تافها ولكنه القالب الملائم تماما
فالمتكلمون يخوضون مراوغاتهم ليس من اجل هدف معين وانما فق من اجل استعراض عضلاتهم الفكرية زيك تماما يا عمونا لما تحب تتكلم خخخخخخخ
و يمكن ان نصيغ الجملة الأخيرة في قالب آخر أكثر عمومية لنقول
كادت الحقيقة أن تظهر لولا الانشغال بما هو أتفه منها

» جـــمال النبي صلى الله عليه وسلم