الخبز و الصحائف ..!!

في يوم من الأيام و أنا اتجول في زقاق مدينتنا القديمة أشتاقت نفسي إلى الطعام و كنت في طريقي إلى الوراق لأشتري بعض الصحائف .. توقفت هنيهة و أخرجت كيس النقود المعقود في طرف ردائي و عددت ما به فوجدته الشيء اليسير ....

ترددت و تسائلت : ماذا أفعل هل أعود و أشتري طعام أم اكمل طريقي لشراء الصحائف ؟؟

سألت معدتي : ماذا تقترحين ؟؟ .. أجابت : أنا وعاءٌ للطعام و بي يحيا جميع الجسد و لكن العقل هو وعاء الحكمة و المعرفة و أنا أؤثره على نفسي بهذه الدراهم و لكنه لا يستطيع أن يحيا بدون الطعام الذي أهضمه له , لماذا لا تسأله ؟؟

قلت لها : أنت على حق , و توجهت إلى عقلي أخاطبه بلهجة الحائر : لقد سمعت حديثي مع معدتي و علمت من حوارنا ما علمت , فما برأيك الصواب في كلا الخيارين ؟؟

صمت عقلي قليلاً و بدأ يسير القهقري بداخل جمجمتي و من ثم قال : نعم أنا أحيا بالمعرفة و الطعام و أنت لا تحيا بغير الحكمة لذلك أنا اؤثرك عن نفسي و عن صديقتي المعدة و أرى أن تشتري الصحائف و تبات ليلتك جائع ... و بالفعل توجهت إلى الوراق و ابتعت منه بعض المعلقات الواصلة حديثاً من أرض الحجاز و شكرت الوراق و عدت إلى منزلي و بدأت في تصفح الصحائف و فجأة شعرت بأن عقلي ممتلئ بالحكمة و ذهب الجوع عني ... فتعجبت و قلت : كيف يذهب الجوع و لم أتناول لقيمة واحدة منذ الظهيرة ؟؟

فخرج صوت غامض من بين أوتاد خيمتي يردد مقولة السيد المسيح : ( إنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ... )

عمتم مساءاً يا قوم