زيارة للمستشفى ...

بعد حضورنا عدداً من الورشات التدريبية حول مهارات التواصل قامت الجامعة بتكليفنا بإجراء مقابلة مع مريض في مجمع السلمانية الطبي و محاورته للتعرف عن انطباعاته الشخصية حول المرض و المخاوف التي تعتريه تجاهه .

بدأت على الفور الاستعداد لإجراء المقابلة , قمت بأخذ رقم أحد طلاب المستوى الخامس في الكلية و يدعى شهاب الدين و طلبت منه التنسيق لي لإجراء هذه المقابلة في أقرب وقت ممكن , كان شهاب في غاية اللطف كما تعاونت معنا المستشفى و اتفقنا على إجراء المقابلة مع إحدى المرضى في يوم الاثنين 21 أكتوبر 2007 في تمام الساعة الواحدة و النصف ظهراً .

ارتديت معطفي الطبي و توجهت إلى المستشفى في الموعد المحدد , كنت اشعر بسعادة غامرة لارتدائي المعطف و كنت أثناء تجوالي في أروقة المستشفى أتصور تلك المسؤولية التي تنتظرني عندما أرتدي هذا المعطف بشكل دائم . توجهت إلى أجنحة المرضى و هناك قابلتني الممرضة بابتسامه و أخبرتني برقم سرير المريض – سرير رقم 6 – و نبهتني إلى أن هذا الوقت هو وقت النوم و الراحة للمرضى و طلبت مني عدم إزعاجهم إذا وجدتهم نائمين .

توجهت نحو سرير المريض و شاهدته مستلقٍ و علامات الألم بادية على تقاسيم وجهه .قمت بإلقاء التحية عليه و عرفته بنفسي و بالمقابلة التي كلفتني بها الجامعة و طلبت منه بلطف أن يمنحني عشرة دقائق من وقته , نظر إلي قليلاً ثم قال : نعم أقبل .

قمت بطرح مجموعة من الأسئلة – التي كنت قد أعددتها سابقاً – على المريض و كان يجيب بلطف و قبول . أخبرني أنه يدعى غانم و أنه مريض بفقر الدم المنجلي - ( السكلر على حد تعبيره ) - و كان متحفظاً قليلاً نحو إبداء مشاعره الشخصية لي و لكنه بعد أن لاحظ تفهمي لمعاناته بشكل إنساني و ليس دراسي أخبرني أنه يشعر بالضجر من المستشفى رغم اعتياده عليها كما أخبرني أيضاً أن ابتعاده عن زوجته يسبب له الكثير من الحزن و الشعور بالعجز , و كانت هذه النقطة من أكثر ما لمس تجاويف مشاعري من الداخل .

لم يكن الحوار طويلاً و ذلك لسبب تألم المريض و رغبتي في عدم الإثقال عليه بأسئلتي , لذلك قمت بالاكتفاء بما قاله عن المرض و مشاعره تجاهه و طلبت منه أن يخبرني عن توقعاته المستقبلية فقال : ( لا جديد ... أتمنى العودة لزوجتي ) , و قد أعجبني بشده حبه لزوجته و رغبته في تحمل مسؤولياته و واجباته المنزلية كزوج بالأخص لأن عمره الصغير ( 26 عاماً ) يدل على أن زواجه تم منذ عهد قريب .

شكرت المريض و تمنيت له الشفاء العاجل و دوام الصحة و استأذنت بالانصراف و غادرت الجناح بعد أن قمت بتدوين العديد من الملاحظات و التعليقات حول حالة المريض و مخاوفه و توقعاته لأستخدمها في كتابة التقرير المطلوب . و هكذا انتهت أول زيارة لي إلى المستشفى كطالب و اعتقد أنها ستخلد في ذهني و في دفاتر مذكراتي طويلاً ...