إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل, فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.
سورة التوبة سورة مدنية(1) [سقطت عن الشريط]. عدد آياتها (921) آية, وهي من أواخر ما نزل في المدينة المنورة, ولذلك سورة التوبة هي التي حددت الصورة النهائية لعلاقة المجتمع المسلم بالمجتمعات الأخرى, وهي التي حددت علاقات المسلمين بالمنافقين, وحددت علاقة المسلم بالكافر.
وسورة براءة لها أسماء كثيرة, إسمها التوبة; لأنه نزلت فيها التوبة على المؤمنين عامة, وعلى الثلاثة الذين خ ل فوا خاصة.
(لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم).
( التوبة: 711ـ811)
والثلاثة الذين تاب الله عليهم: كعب بن مالك, وهلال بن أمية, ومرارة بن الربيع. ولهم قصة طريفة سنأتي عليها في حينها إن شاء الله.
وقد سميت, سورة التوبة, وسميت الفاضحة لأنها فضحت المنافقين.
قال سعيد بن جبير: سألت بن عباس عن سورة براءة فقال: تلك الفاضحة, ما زال ينزل ومنهم ومنهم حتى خفنا ألا تدع أحدا (ومنهم من عاهد الله) (ومنهم الذين يؤذون النبي ) (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) (ومنهم من يلمزك في الصدقات). إلى آخره حتى خفنا ألا تدع أحدا.
نعم, وسميت الفاضحة; لأنها كشفت أسرار المنافقين, وسميت البحوث لأنها بحثت عن أسرار المنافقين, وسميت المبعثرة, والبعثرة هي البحث كذلك, لأنها بحثت عن أسرار المنافقين وفضائحهم, وهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي ليس فيها بسملة.
واختلف في سبب سقوط البسملة من أولها على أقوال:
القول الأول: أن العرب من عادتها في الجاهلية, إذا كان بين قوم وآخرين عهد وأرادوا نبذ العهد أو إنهائه أو نقضه كتبوا كتابا ولم يكتبــوا فيه البسملــة, ا لله عز وجل بهذه السورة نقض العهــود التي بين الرسول ص وبين المشركين, وأمهل المشركين عامة أربعة أشهر, وأمهل الذين بينهم وبين رسول الله ص عهد أكثر من أربعة أشهر, أمهلهم إلى مدتهم, ونزلت بدون بسملة لأن فيها إنهاء العهود.
والرأي الثاني: الذي روي عن عثمان رواه النسائي بإسناده قال: (قال لنا ابن عباس: قلت لعثمان: ما حملكم إلى أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني -المثاني يعني السور التي عدد آياتها أقل من مائة سميت مثاني; لأنها تثنى في الصلوات أي تعاد في الصلوات - قلت لعثمان: ما حملكم إلى أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين -المئين السور التي تزيد على مائة آية -فقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال (1) [السبع الطوال (تعرف السبع الطوال يا شيخ سعد؟) فأجاب نعم قال الشيخ: عنها قال الأخ -والشيخ يكرر- البقرة، أل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الاعراف، الانفال والتوبة، كم سورة؟ أجاب سبعة، قال الشيخ: الأنفال والتوبة اعتبروهما سورة واحدة من السبع الطول]. قال: فما حملكم على ذلك?- لأنها أطول سور في القرآنـ, قال عثمان: إن رسول الله ص كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: (ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا), وتنزل عليه الآيات فيقول: (ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا), وكانت الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة, وبراءة آخر ما نزل من القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها, وقبض رسول الله ص أي توفي ولم يبين لنا أنها منها, فظننت أنها منها, ومن ثم قارنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن.
إذا هذا هو السبب الثاني.
السبب الأول: أنها نقض للعهود أو إنهاء, ولا يكتب في إنهاء العهود بسم الله الرحمن الرحيم.. كانت عادة العرب هكذا.
والثاني : أنها شبيهة بالأنفال فقرن بينهما عثمان ولم يكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم وجعلها من السبع الطوال.
القول الثالث: قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما قالوا: (لما كتب المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب الرسول ص, فقال بعضهم: براءة والأنفال سورة واحدة. وقال بعضهم: هما سورتان, فتركت بينهما فرجة لقول من قال أنهما سورتان وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال هما سورة واحدة, ورضي الفريقان معا , وثبتت حجتاهما في المصحف).
القول الرابع: هو قول علي رضي الله عنه, (قال عبد الله بن عباس سألت علي بن أبي طالب: لم لم يكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم? قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان, وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان).
واستغر-الله-لي-ولكم